الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام وسنام كل شيء أعلاه. هذا ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال:
ألاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ. قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ.
أخرجه الترمذي وصححه.
وكان مركوزا في نفوس الصحابة أن الجهاد أفضل الأعمال
لذا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال “لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور“.
{رواه البخاري}
ومن هنا إذا كانت المقارنة بالجهاد أو استدعي لضرب المثل به فنحن بإزاء أرفع المنازل وأرقى الدرجات وهو ما حوته هذه الأيام المباركات أيام العشر الأول من ذي الحجة التي فضل رسول الله صلى الله عليه مطلق العمل الصالح فيها عن أي عمل صالح في غيرها فسأله الصحابة عن دخول الجهاد في هذا التعميم فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأن العمل الصالح فيها أفضل من كل صور الجهاد واستثنى جهاد رجل خرج بنفسه وماله فعقر جواده وأريق دمه.
هذا ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وفي رواية الترمذي وأبي داوود أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ.
(أخرجه الترمذي وصححه)
ويكفي هذه الأيام شرفا وفضلا أن الله تعالى وتقدس أقسم بها في كتابه وهو جل جلاله لا يقسم إلا بالعظيم من مخلوقاته: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2]. ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قوله: هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة.
وقال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]. نقل البخاري في صحيحه عن ابن عباس قوله في هذه الأيام أنها: أَيَّامُ الْعَشْرِ.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل أيام الدنيا أيام العشر.
(صحيح الجامع الصغير)
لأنه اجتمع فيها من الطاعات والقربات مالم يجتمع في غيرها
ففيها المكتوبات والنوافل والحج والعمرة والأضحية والهدي وكذلك الصيام
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ” ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً ” [متفق عليه]
وصوم يوم عرفة سنة مؤكدة لغير الحاج، فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية) رواه مسلم وفي رواية له: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده).
وقد دلت الآثار على استحباب صيام التسع كلها.
فطوبى لمن تجهز بسلاح الصبر وركب جواد السبق وتقدم صفوف السالكين وأحرز الغنيمة الباردة وفاز فيها برضوان رب العالمين.