من هو سفر الحوالي؟ ولماذا اعتقل؟
يوليو 13, 2018عصام دربالة ولماذا قتلوه؟
أغسطس 17, 2018سوهاج بلدي وبلد “محفوظ” أقل محافظات الصعيد من ناحية الموارد وأكثرها في عدد رجال الأعمال والأغنياء لاسيما من استقروا في القاهرة والإسكندرية.
انشغل الجميع في الأيام الماضية بخبر توقيف د. محمد محسوب وزير الشئون النيابية والقانونية في فترة حكم الرئيس محمد مرسي.
ولم يكن الأمر مجرد توقيف عادي بل بدت فيه شبهة التواطؤ والتنسيق مع الإدارة المصرية، لاسيما وأن د. محسوب تم اقتياده من الفندق الذي نزل فيه إلى جهة تحقيق غير معلومة ثم تحدثوا معه عن الجرائم الملفقة التي اعتادت الطغمة الحاكمة على توجيهها للخصوم.
وبدا واضحا أن أجنحة اليمين المتطرف في إيطاليا والاتحاد الأوربي تحتفي بالانقلاب العسكري في مصر ولا تخفي دعمها له وتحاول تمكينه من خصومه كما فعلت ألمانيا مع الإعلامي أحمد منصور وغيرها مع غيره، ولكن الضغط الإعلامي والتحرك الحقوقي وبعد القضاء عن التسييس كان سببا في الفشل وخيبة الأمل التي تجددت لعصابة الانقلاب بعد رفض قاضي التحقيق الإيطالي تسليم د. محمد محسوب أو الاهتمام بملف القضايا المزورة التي أرسلها النظام المصري.
ولا شك أن مقتل الشاب الإيطالي روجيه ريجيني وإلقاء جثته في العراء ثم قتل مجموعة من شباب مصر الأبرياء للتغطية على اغتياله، ومحاولة تلفيق تهمة قتله لهم وانكشاف هذا كله أمام الشعب الإيطالي ألقى بظلال كثيفة على المشهد ووضع النظام العسكري في مصر في مكانته الحقيقة بما يحمله من دموية وعدوانية.
تحدث د. محمد محسوب من محبسه إلى وسائل الإعلام وقال: “أنا أعاقب على رفضي للانقلاب وتمسكي بالشرعية وسأدافع عن حريتي وحرية بلدي إلى آخر نفس”.. وبعد ساعات خرج د. محسوب ليعلن أن العدالة القضائية تغلبت على الفاشية السياسية.
كانت لحظة الدفاع عن حق الدكتور محسوب في الحرية من لحظات الخامس والعشرين من يناير إذ التف الجميع حول هدف واحد ومطلب عادل، وتسامى الكل عن جراحات الماضي، وخلافات الحاضر، وليتها تستمر هذه الروح، ونستصحب روح يناير حتى الوصول إلى لحظة التحرير.
محمد محسوب من أصغر المعتقلين أيام السادات والأول على دفعته، وصاحب الدكتوراه في القانون من فرنسا، وعميد كلية الحقوق بالمنوفية، وصاحب لجنة الدستور ووزير للدولة في حكومة ما بعد الثورة. ومع ذلك نافسه إعلاميا محفوظ الفتى الكادح الذي تجاوز العاشرة بقليل حيث سافر إلى محافظة بورسعيد ليحضر كسوة العيد لأمه وأخته في سوهاج في قلب تجاويف الصعيد، فأُلقي القبض عليه وظهر في حوار مع مذيعة ظنت أنها حققت بذلك سبقا، فبادرها محفوظ بالدفاع عن نفسه بمنتهى الشجاعة ولم ترهبه أضواء الكاميرات ولا من يقف خلفها وقال بلهجة الصعيد الطيب والطفولة البريئة (…كلهم ميه وخمسين جنيه كسوة العيد لأمي وأختي قبضتوا عليً عشانهم وسيبتوا العربيات المحملة بالملايين…!!)
صدقت يا محفوظ، فهم القوم الذين يشقى بهم ضعفهم، إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد….!
المذيعة التي حاورت الفتى الصغير فوجئت أنه لم يكشف لها فقط عن حاجة ألجئته إلى المخالفة الجمركية، وإنما كشف لها عن الوجه القبيح للنظام الذي تدافع عنه وتدعو محفوظ لدفع المكوس له، النظام الذي يرعى الحيتان والقطط السمان، وبدل أن توجه الفتى إلى إكمال تعليمه إذا بها تقول له: “لماذا لا تذهب للعمل مع شركات النظافة!”
ربما لم يدرك محفوظ عقوبة ما أقدم عليه، ولكن ما قالته المذيعة في حوارها معه مليئ بما يخالف الإنسانية ويعاقب عليه القانون.
سوهاج بلدي وبلد “محفوظ” أقل محافظات الصعيد من ناحية الموارد وأكثرها في عدد رجال الأعمال والأغنياء لاسيما من استقروا في القاهرة والإسكندرية، بعضهم بدأ في ظروف أشد قسوة من ظروف محفوظ وأتمنى عليهم رعاية الفتى وحسن توجيهه إلى عمل كريم صيفا حتى يتفرغ للدراسة بقية العام ولو تكفلوا به وبأسرته فهو خليق بهم وحق الرحم والجيرة عليهم.
لو توفر لمحفوظ ما يغنيه عن السفر إلى بورسعيد ويكفيه لكسوة أمه وأخته ويكفل له الاستثمار في التعليم لربما كان محسوبا جديد تفخر به الديار ويهتف باسمه الأحرار.