ذكريات مع شيوخ القرآن
مايو 8, 2020يوم العيد في زمن كورونا
مايو 22, 2020أما البلاد العربية فتشعر كما لو أنهم وجدوا بغيتهم في إغلاق بيوت الله، بل وصل الأمر إلى استفزاز مشاعر المسلمين، وما يحدث في مصر المثال الأشد صراخا على ذلك مع اشتداد أزمة كورونا وانتشار رقعة المصابين، كانت المجامع الفقهية والهيئات العلمائية على قدر المسؤولية، حيث بادرت بدراسة النازلة، وما يترتب عليها من أحكام فقهية، وأفتت بجواز تعطيل صلاة الجمعة والجماعة في المساجد مؤقتا، ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول والحكومات، حتى رؤي المسجد الحرام لأول مرة بلا مصلين، والكعبة بلا طائفين!
تعامل الناس مع الوباء في البداية على أنه موجة وستنحسر خلال أسابيع، أو أن الباحثين سيتمكنون سريعا من التوصل إلى المصل أو الترياق، لكن شيئا من ذلك لم يحدث حتى الآن، وبدأ الحديث عن التأقلم والتعايش مع الجائحة، والتخفف من بعض الإجراءات الاحترازية، وهذا ما حدث بالفعل في بعض دول الغرب، ودائما ما تسبق ألمانيا غيرها من الدول بخطوة في هذا الاتجاه، وشاهدت من خلال مواقع التواصل، والاتصال مع أصدقاء من الأئمة والدعاة هناك، أن اليوم هو ثالث جمعة تقام في المساجد، بعد موافقة السلطات على فتح الجوامع وعودة الشعائر، بإجراءات احترازية معينة، طبقتها المساجد واستأنفت نشاطها مرة أخرى.
أما إيطاليا أكبر بؤرة للوباء في أوربا، فوافقت أيضا على فتح المساجد بإجراءات أكثر احترازا مما فرضته ألمانيا، ما جعل القائمين على المساجد يتريثون في اتخاذ القرار.
والشاهد أن الدول غير الإسلامية مع بداية التفكير في عودة الحياة إلى شيء من طبيعتها، طبقت ذلك على المساجد وسائر دور العبادة الأخرى، أما البلاد العربية فتشعر كما لو أنهم وجدوا بغيتهم في إغلاق بيوت الله، بل وصل الأمر إلى استفزاز مشاعر المسلمين، وما يحدث في مصر المثال الأكثر صراخا على ذلك، فبينما انتهى دور وزراء الأوقاف عند قرار إغلاق المساجد، والتزموا بيوتهم انتظارا للفرج، يخرج علينا مختار جمعة كل جمعة بتصريح مستفز، أو عمل مشين، مرة يمنع قراءة القرآن قبل المغرب في مكبرات المساجد، وهي عادة متأصلة في ثقافة المصريين الرمضانية، ثم يتراجع عن قراره بعدما وضع الناس المكبرات على بيوتهم، ويصدح قرآن المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت من كل صوب وحدب، ومرة يعلن أن الوزارة ستتعقب من يصلي جماعة في الحدائق أو الأماكن العامة، وكأنه شعبة مباحث أو في وحدة تنفيذ الأحكام! في الوقت الذي يشهد فيه القاصي والداني أن مصر لم تطبق من الإجراءات الاحترازية إلا إغلاق المساجد ومنع صلاة التراويح، أما مترو القاهرة الذي يستقله يوميا ثلاثة ملايين نسمة، فتضاعف فيه الزحام نظرا لفرض الحظر ليلا، وأقسام الشرطة فيها آلاف الموقوفين على ذمة قضايا متكدسين في زنازين ضيقة، ناهيك عن عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف معيشية وصحية بالغة السوء.
كما نشرت وسائل الإعلام الرسمية أن فرق التمثيل لم ينفذ عليها الحظر، لأنها تقوم بعمل قومي لإسعاد (لإفساد) الناس في رمضان!
بل نستطيع أن نقول إجمالا إن كل مظاهر الحياة في مصر كما هي، بل أماكن البيع والشراء أكثر ازدحاما، لأن شهر رمضان شهر التسوق من أوله إلى آخره!
ومن جملة هذه المضحكات قيام جماعة من الجيران بالصلاة فوق سطح عمارتهم، فألقت الشرطة القبض عليهم، وحشرتهم في سيارة واحدة وحبستهم في زنزانة واحدة، لمخالفتهم للتباعد الاجتماعي !
وأثناء كتابة المقال بلغني أن تركيا أخذت قرارا في الاتجاه الصحيح حيث أعلن رئيس الشؤون الدينية د. علي إرباش أن: صلاة الجمعة والجماعة ستقام في باحات المساجد ابتداء من 12 من حزيران/يونيو القادم، ضمن إجراءات العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.
لذا يجب على العلماء والمجامع الفقهية وكل من أفتى بجواز تعطيل الجمع والجماعات، مخاطبة الدول والحكومات بوضع ملف فتح المساجد “مع الأخذ بأسباب السلامة” ضمن أولويات مرحلة العودة التدريجية، والتخفف من الإجراءات الاحترازية، وإلا فإنهم سيفتحون باب الظنون واسعا، لاسيما وأن لبعضهم توجهات علمانية واضحة، وفريق منهم أخذ على عاتقه محاربة الإسلام وأهله في كل مكان!
في ظل أزمة كورونا سمحت الأنظمة الغربية برفع الآذان بالمكبرات، ثم عودة الجمع والجماعات، بما أثبت أنهم أكثر تسامحا مع الشعائر الإسلامية من بعض الأنظمة العربية!
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان.