طغمة من بني جلدتنا وتتحدث بألسنتنا رأت أنه لا بقاء لهم في وظائفهم ولا استقرار لهم على كراسيهم إلا بالهرولة إلى قطار التطبيع والمبيت في فراش إسرائيل فظهرت عليهم الجنابة.
ربط رسول الله صلى الله عليه وسلّم المسلمين بالمسجد الأقصى منذ بداية بعثته النبوية فكان إذا صلى جعل الكعبة بينه و بين الأقصى فأصبح القبلة الأولي للمسلمين وسأله أصحابه أي المساجد وضع في الأرض أول فقال: المسجد الحرام قيل: ثم أي؟ قال المسجد الأقصى قيل: كم كان بينهما ؟ قال: أربعون سنة.
( رواه البخاري )
ثم حانت رحله الإسراء والمعراج تكريما لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض والسماء فصلى في القدس إماما بإخوانه من المرسلين والأنبياء ثم كانت الحفاوة به في الملأ الأعلى حيث بلغ درجه لم يبلغها نبي مرسل و لا ملك مقرب
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)
الإسراء / 1
واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا يستقبل المسجد الأقصى في الصلاة
حتى نزل قول الله تعالى :
(قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). البقرة / 144
وبين عليه الصلاة والسلام أنه لا تشد الرحال لمسجد على سبيل العبادة إلا إلى ثلاثة مساجد:
المسجد الحرام
والمسجد النبوي
والمسجد الأقصى
وأن الأخير أهله في جهاد ورباط إلى يوم القيامة
(لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين
ولعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما يصيبهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك
قيل أين هم يا رسول الله؟
قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات.
أردت من هذه التوطئة بيان أن قضية الأقصى عند المسلمين قضية عقيدة.
فهو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا ما ينبغي أن يدرس ضمن أبواب العقيدة في مدارس المسلمين ويحفظ للناشئة مع حفظ القرآن الكريم.
فليست القضية فلسطينية ولا فصائلية ولا حتى عربية.
وإنما وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأقصى أمانة في رقبة كل مسلم يوم أن فتحها وجعلها أرض وقف لجميع المسلمين.
وهذا ما انطلق منه السلطان عبدالحميد آخر الخلفاء العثمانيين في تعامله مع هرتزل لما عرض عليه سداد كل الديون وضخ الذهب والمال الذي يملأ خزائن الخلافة في مقابل أن يمكنهم من الإقامة في فلسطين وكان الرد الحاسم الذي حفظه التاريخ :
هذه ليست أرضي وإنما هي ملك المسلمين ولو وضعتم بين يدي خزائن الدنيا لن أفرط في شبر منها.
فعلم هرتزل ومن وراءه أنهم لن يصلوا إلى القدس في وجود هذا الحاكم الأمين، فتكالبت قوى الغرب بمساعدة فئام من خونة العرب حتى أسقطوا الخلافة ليعلن بعدها قيام دولة إسرائيل.
وما أشبه الليلة بالبارحة فقد عاد صهاينة العجم بمساعدة صهاينة من العرب للإجهاز على ما تبقى من روح الكفاح والنضال في هذه الأمة من خلال شيطنة كتائب المقاومة ووصمها بالإرهاب ثم حصار قطر والمطالبة بإغلاق قناة الجزيرة التي يعلم القاصي والداني أنها صوت الشعوب المقهورة ووسيلة المظلومين في فضح الغاشمين والمستبدين حتى نطق أحدهم بالحق من حيث لا يدري فقال لابد من إغلاق الجزيرة لأنها تعادي السامية!
و لا يخفى على أحد ما تفعله قطر لأهل فلسطين من الدعم والإغاثة وإعادة الإعمار.
إن الجيل الذي أبقى جذوة المقاومة مشتعلة واستطاع أن يثبت أنه عصي على التمييع والتطبيع كان ثمرة لغرس طيب قام به علماء أجلاء جمعوا بين صحة المعتقد ووضوح الرؤية من أمثال الشيخ كامل القصاب مؤسس (جمعية العلماء)
والإمام محمد رشيد رضا صاحب (مدرسة المنار)
والأزهري المجاهد الشيخ عز الدين القسام
وشيخ الشهداء أحمد ياسين
والأستاذ المربي عمر سليمان الأشقر
ومن تبعهم بإحسان وحمل الراية بفخر وامتنان.
لكن طغمة من بني جلدتنا وتتحدث بألسنتنا رأت أنه لا بقاء لهم في وظائفهم ولا استقرار لهم على كراسيهم إلا بالهرولة إلى قطار التطبيع والمبيت في فراش إسرائيل فظهرت عليهم الجنابة السياسية حين سلطوا أبواقهم الإعلامية لنهش من يقومون بالفرض المتعين على أبناء الأمة فقالوا إن مقاومة المحتل إرهابا..!!
فضل سعيهم وخاب فألهم وإن سدروا في غيهم واستمرأوا بغيهم فسيلحقهم العار والصغار في الدنيا وعذاب النار
في الآخرة.
وخلاصة الأمر:
الصهاينة أعداء غزاة.
ومن يقاومهم كرام أباة.
ويقف معهم ويؤازرهم كرام هذه الأمة وبقية الخير فيها.
حتى يأتي وعد الله.