الغنيمة الباردة في “أيام العشر”
أغسطس 25, 2017القرضاوي الإمام الأمة
سبتمبر 29, 2017كانت قوافل التجار المسلمين التي تجوب البلاد طلبا للربح والصفق في الأسواق هي عينها كتائب الدعوة لأنها لم تكن مهنة ولا وظيفة وإنما منهج حياة.
وكانت بضاعتهم التي جذبت إليهم الأنظار وعلقت بهم الأفئدة أخلاقهم السمحة وسلوكياتهم المتفردة التي كانت تطبيقا عمليا لتعاليم الإسلام فكانت دعوة بالفعال لا بالمقال، وهي أعظم في الأثر، وأسرع في جني الثمر؛ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى. (رواه البخاري).
والنسبة الكبرى ممن دخلوا الإسلام واختاروه على ما عداه كانت من هذا الميدان الفسيح لأن هذا الدين كله خلق ومن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين
كما قال ابن القيم رحمه الله؛ ومن الشعوب التي سبقت إلى اعتناق الإسلام في القرن الأول الهجري استجابة لدعوة تجار مسلمين كانوا يقصدون الهند شعب الروهنغيا الذي يقطن إقليم أراكان في بورما التي تغيرت إلى ميانمار الآن، وأصبحوا نسبة كبيرة من السكان ولكن توالت عليهم دول الاحتلال من بريطانيا إلى اليابان وهم في كل مرة يدافعون عن بلادهم دفاع الأبطال حتى أسلموهم إلى حكم البوذيين، الذين مارسوا على عرق الروهنغيا، وعامتهم من المسلمين، حرب إبادة جماعية ومجازر وأخاديد ومحارق يعج بها فضاء التواصل الإعلامي، فأصبحوا الآن أقل من خمسة ملايين نسمة، حتى أولئك الذين يفرون من الحرق يموت أغلبهم بالغرق في نزوحهم إلى بنغلادش دولة الجوار الفقيرة، التي تحاول بكل قوة منعهم من دخول أراضيها، والغالبية العظمي من سكان بورما من البوذيين.
وأذكر هنا بمفارقتين عجيبتين:
عندما هدم تمثال بوذا في أفغانستان قامت الدنيا ولم تقعد تعاطفا مع التراث الإنساني ورقة منهم على الحجر!
وما برح عباد بوذا يبيدون الإنسان ويحرقون البشر والعالم لا حس ولا خبر وكأن قلوبهم قدت من بقايا الصنم!!
يقال إن ما يحدث في بورما هو تسلط الأكثرية على الأقلية التي تخالفها في الديانة والمعتقد، وبالنظر إلى سورية نجد أقلية طائفية تتسلط على الأكثرية المسلمة وتفعل بها مثل ما يفعل البوذيون في الروهنغيا، والمجتمع الدولي يغض الطرف في الحالتين لأن القاسم المشترك هو ديانة الضحية!!
لذا لا أعول كثيرا على الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي في اتخاذ قرارات ضد هذه المجازر،
فغاية ما عندهم إرسال الطحين أو إبداء القلق.
لأن الدول الكبرى التي تهيمن على هذه الهيئات الأممية هي التي منحت رئيسة وزراء بورما جائزة نوبل للسلام ويدها مازالت تقطر من دماء المسلمين.
فعلى أهل هذه الملة أن يعلموا أن الحرب على ما يدينون به وأن عليهم مسؤولية عظيمة وأمانة كبيرة تجاه هؤلاء المظلومين، كل حسب موقعه واستطاعته وإذا كانت الشعوب قد نفضت يدها ممن وضعوا أيديهم في أيدي أعدائهم. فعلى أهل العلم والفكر أن يتسلموا زمام القيادة ويخوضوا معركة الوعي استعدادا لاستعادة زمام الأمة وخوض معاركها والزود عن حياضها.
عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ» .
حتى الآن لم يصدر عن العرب الذين هم لحمة الإسلام، إلا ما يشينهم، وكانوا قبل أيام يدقون طبول الحرب على خيول مسرجة، وسيوفهم مشرعة وألسنتهم حداد أشحة على الخير، فسحبوا السفراء وطردوا الرعايا وفرضوا عقوبات اقتصادية بل واجتماعية غير مسبوقة، أين هذا من بوذا؟
أم أنها أسلحة لا تشهر إلا في وجوه الأشقاء؟