داعش خطر فاحش
يناير 15, 2018وقائع اجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة!
فبراير 2, 2018ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت من فكرة رفض توريث الحكم إلى جمال مبارك مع إيصال رسالة احتجاج قوية في عيد الشرطة ضد ممارسات الداخلية التي أصبحت أقوى أذرع الدولة بقيادة “حبيب بيه” كما ينادونه، حتى الآن…!!
وتقاطعت مصلحة قيادة الجيش مع هذين الأمرين وقرروا غض الطرف إلى حين والسماح للشباب بتحقيق الأهداف المشتركة، ريثما تسقط الثمرة في حجرهم. لكن انضمام جموع الشعب المصري إلى حركة الشباب حولها إلى بداية ثورة.
وكانت الخطيئة الكبرى لمن اعتبروا قيادة القوات المسلحة منفصلة عن نظام مبارك، والحقيقة أنه ليس هناك ثمة مشكلة بينهم وبين بقاء مبارك وإنما مشكلتهم محصورة في رفض تقديم التحية لشاب مدني يرث الحكم عن أبيه العسكري، وفي مذهب القوم أن العسكرية لا تورث، فقبل المجلس العسكري النصر المبدئي في الإطاحة بمشروع التوريث على أن يستعدوا بعدها للجولة الثانية للقضاء على ثورة يناير ورموزها أيا كانوا. فتولى المشير طنطاوي ومجلسه الحكم لمدة عام ونصف العام استطاعوا خلاله شيطنة الثورة وتفريق صف الثوار.
وكان التيار الإسلامي الأكثر ثقة في مجلس العساكر الذي كان يطلق عليه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل مجلس الثعالب … ثم أجريت الانتخابات الرئاسية في أجمل صورة وأبهى حلة بعدما استطاع نواب حزب الوسط بقيادة عصام سلطان وحاتم عزام تقييد النص الدستوري الذي يعطي السلطة المطلقة للهيئة العليا للانتخابات ويحصن قراراتها من الطعن من خلال سن قانون الفرز في اللجان الفرعية، وهو ما يعاقب عليه الحزب ورموزه حتى الآن…!
ويعتبر النص الذي وضعه العسكر في التعديلات الدستورية هو بداية انقلاب المجلس العسكري على ثورة يناير وأهلها، لكن وعي الجماهير وفرز الأصوات في اللجان الفرعية وإعلان ذلك للكافة ألجأهم للقبول برئاسة د. محمد مرسي إلى حين. وكانوا قد استعدوا لذلك بحل مجلس الشعب ووضعوا الميزانية العامة للدولة، حتى هيئة كبار العلماء عينوا فيها خمسة وعشرين عضوا من جملة الأربعين ليضمنوا أغلبية مريحة داخلها.
وكان واضحا أن البلد تُحكم برأسين فكانت صفحات الجرائد تقسم الصفحة بين صورة صلاة الجمعة نصفها للرئيس والثاني للمشير وكذلك كانت القسمة بين القناة الأولى والثانية.
لكن الرئيس مرسي قرر أن يحكم وكأنه جاء بعد ديمقراطية مستقرة وليس بعد ثورة لم تكتمل فصولها بعد! وكان التيار الإسلامي من البداية قد حزم أمره في الاعتماد على الدولة العميقة ظنا أنها ستقبل برأس الدولة بدلا من رأس مبارك.
وصور ذلك كثيرة منها مثلا الاحتفاظ بسامي مهران أمينا عاما لمجلس الشعب في الوقت الذي يُحاكم في قضايا فساد، وهو ما نبهت عليه في حينها تحت قبة البرلمان وفي وجود سامي بيننا واعترض أكبر نواب الإسلاميين لأن سبابتي كادت تلمس رأس الرجل وأنا أشير إليه!
ثم كانت الإطاحة بالمشير طنطاوي وسامي عنان رئيس الأركان وتعيين السيسي وزيرا للدفاع فيما حسبناه ساعتها أقوى القرارات الثورية فإذا به أول الخطوات العملية للانقلاب على الرئيس المنتخب والإجهاز على ثورة يناير، لأن التيار الإسلامي لا يلدغ مرتين إلا من جحر العسكر؛ لكن هذه المرة قرر التيار المدني أن يسبق إلى التحالف مع العسكر الذي استدرجهم إلى 30 يونيو وأغراهم بإزاحة الإخوان المسلمين فتخلوا لهم الساحة ثم لدغتهم الرقطاء المموهة كما لدغت الإسلاميين من قبلهم لأنه من السذاجة أن يقتنع مدني أن جنرالا يعمل انقلابا لصالح غيره، ولولا الوساطات الدولية لكان محمد البرادعي من نزلاء العقرب مع محمد بديع.
أما أغرب ما في قصة يناير فهو فصلها الثالث وأحسبه الأخير إذ أسس عبد الفتاح السيسي أنه كما أن العسكرية لا تورث فهي أيضا مرتبطة بالبقاء في الخدمة ومن خلع البدلة العسكرية فقد زالت عنه الخيرية ولم يصبح من خير أجناد الأرض..
وبدا هذا واضحا مع إعلان الفريق أحمد شفيق ترشحه للرئاسة ثم تنازله السريع الذي أظهر حجم التهديد الذي قيل له أو الوعيد الذي خُوف به..
وان كان هذا تكهنا أو استنباطا من سير الأحداث فإن ما حدث مع الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة ملأ أركان الدنيا، فبعد إعلان الترشح بيوم واحد تم اختطافه وحتى كتابة هذه السطور لا توجد أي أخبار عنه أو عن مكانه بل وأخرجت القوات المسلحة بيانا حربيا تتهم فيه رئيسها السابق بالتزوير وتحمله مسؤولية الإضرار بالجيش والدولة!
فقرر المحامي خالد علي الانسحاب من المشهد ليبقى السيسي في مأزق اختيار مرشح يقوم بدور المنافس في الانتخابات الرئاسية وربما يعود إلى طريق الاستفتاء ويعيد أيام السادات الأخيرة، التي تتطابق مع هذه الأيام.
والمؤكد عندي أن السيسي هو الفصل الأخير من الحكم العسكري لمصر وأن ثورة يناير كسبت جولة وخسرت الثانية وبقيت الجولة الحاسمة تنتظر فرسانها ورجالها:
فإن الأرض تبنت كل حين… وليدا شامخا كابن الوليد.