دعاة على أبواب جهنم؟
مايو 11, 2018نكسة يونيو وعام من الصمود
يونيو 9, 2018أظلنا رمضان، شهر عظيم مبارك شهر يزاد فيه رزق المؤمن من كل وجوه الخير وأكبر هذه الخيرات وأعظم هذه البركات نزول القرآن فيه، قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقان)
شرف الله هذا الشهر إذ جعله ظرف زمان تنزل آخر وحي السماء إلى أهل الأرض ثم جعله محل صيام المؤمنين ومراقي المتقين وجعل فيه ليلة هي خير من ألف شهر (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) )
والقدر هو الشرف والمنزلة وأي قدر وشرف أكبر من تنزل القرآن الكريم فكانت ليلة نزوله بركة على الأمة وتعويضا لها إذ العبادة فيها خير من عبادة ثمانين سنة وزيادة.
إنها ليلة البركة والفضل:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ)
وتتجدد بركتها في كل عام على الصائمين القائمين، يقبل الله فيها التائبين، ويرحم المستغفرين ويعتق رقاب من شاء من عباده المؤمنين.
إنها ليلة الشرف العظيم ومن حرم فيها الخير فقد حرم. ولقد وصف الله أيام الصيام بقوله (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ) والمراد بالأيام هي شهر رمضان عند جمهور المفسرين، وإنما عبر عن رمضان بأيام وهي جمع قلة ووصفها بمعدودات وهي جمع قلة أيضاً؛ تهوينا لأمر الصيام على المكلفين، وتيسيرا عليهم في تقبل صومه ومن ذلك أيضا قوله تعالى: (كما كتب على الذين من قبلكم) والمعدودات كناية عن القلة؛ لأن الشيء القليل هو الذي يعد؛ أما الكثير فلا، فإما أن يوزن أو يكال، وإذا كانت هذه صفة الأيام فينبغي على العاقل اغتنامها والحفاظ عليها.
تسعة وعشرون يوما أو الشهر بتمامه فأيامه معدودة ومحصورة وليست عبادة الدهر كله وليست على مدار اليوم والليلة كما الشأن في الصلاة ومع ذلك جعل الله للصائمين بابا خاصا من أبواب الجنة الثمانية..
عن سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد. رواه البخاري.
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ)
في رمضان يجتمع الصوم والقرآن، وكذلك يجتمعان في يوم القيامة لطلب الشفاعة للعبد الصائم القائم يشفع له الصيام لصيامه، ويشفع له القرآن لقيامه، قال رسول صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان) [رواه أحمد]
وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول: أنا الذي أسهرت ليلك وأظمأت نهارك). أخرجه ابن ماجه. وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع شهر القرآن حالا غير باقي الشهور والأيام: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى اللهم عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى اللهم عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة [رواه البخاري ومسلم].
قال الإمام ابن رجب: دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له. وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.
وكان الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان لبيوتهم بالقرآن دوي كدوي النحل من كثرة القراءة فكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، وكانت ختمة الصلاة غير ختمة التلاوة، فكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وقال ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان.
وكان السلف الصالح يتفرغون للقرآن الكريم في رمضان فهذا الإمام مالك بن أنس إمام دار أهل الهجرة وصاحب المذهب وكاتب الموطأ الذي بلغ من اهتمامه بحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعظيمه له أنه كان لا يحدث إلا وهو على وضوء ثم إذا حدثهم يبكي ويخشع، ومع ذلك كان إذا دخل رمضان، لا يشتغل بالحديث الشريف بل يترك الحديث ويقبل على كتاب الله.
وكان الزهري شيخ مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
الله الله في القرآن فهو مقررك الأساسي في مدرسة الصوم وثمرة الطالب أن يحقق منها درجة التقوى وخلاصة هذه المرتبة ألا يراك الله حيث نهاك وألا يفتقدك حيث أمرك.
فيا باغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر.