نكسة يونيو وعام من الصمود
يونيو 9, 2018مفارقات مصرية في الانتخابات التركية
يونيو 29, 2018فرحة العيد عبادة وشعيرة لأنها مرتبطة في الإسلام بالفراغ من أداء فريضتين من أركان الإسلام، إذا انتهت الأمة من صيام شهر رمضان فرحوا الفرحة الأولى، إذ للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه. كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وفي الحج ترسل الأمة وفدا عنها لزيارة بيت الله الحرام وأداء المناسك فإذا أتموا نسكهم فرحت الأمة ونحرت الأضاحي شكرا لله على تمام نعمته وفضله (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
وفي خضم الفرحة العامة تتعلق قلوب قطاع كبير من الناس بمن غيبتهم السجون أو أبعدتهم المنافي فينقص هذا من فرحتهم ويقلل من بهجتهم باليوم السعيد، ونظرا لأني عايشت الحالين وذقت الأمرين فيطيب لي أن أطيب خاطر هؤلاء بأن سعادة المعتقل أو المغترب في سعادة أهله ومحبيه، ولا يهمه في كربته أو غربته إلا أن يكونوا في أحسن حال وأهنأ بال.
ففي العام 1995 شهدت أول عيد خلف الأسوار وكان في سجن استقبال طرة عنبر (أ) زنزانة 24 في الطابق الرابع وكانت الزيارة في هذا التوقيت ممنوعة من أمد بعيد حتى في الأعياد والمناسبات ولا يسمح لنا بالخروج من الزنزانة ليلا أو نهارا ويرمى لنا الخبز من فتحة الباب ويسكب لنا الفول أو العدس ولا ثالث لهما من بين أسياخ فتحة الباب العلوية (الشراعة)
ومع ذلك وجدت حرصا من المعتقلين على صنع السبح من حبات الزيتون المهربة أو المشغولات البسيطة من الخرز لتقديمها هدايا لذويهم عند فتح الزيارة أو إخراجها لهم مع من يذهبون للنيابة أو المحكمة، ويحملون عند عودتهم بعض القصاصات والرسائل المكتوبة يعطيها لهم الأهالي والسعيد من تنجو رسالته من دوائر التفتيش المتعددة فتحمل له خبرا سارا أو طمأنينة من أحبته.
وفي مثل هذه التجمعات الكبيرة تجد فريقا من الناس كرس وقته وجهده لخدمة الأخرين وإدخال السرور عليهم وكأنهم في ضيافته ومن هؤلاء فريق السمر الذي كان يحيي ليالي العيد والمناسبات بالأغاني والأناشيد والمشاهد المسلية والألعاب المضحكة.
وأذكر أني أفتيت أحد المنشدين أن يغني لنا الأغنية الشهيرة يا ليلة العيد أنستينا أو ما شابهها، ولقي هذا استحسانا من العامة واستهجانا من البعض الذي عده تشبها بالقوم الظالمين!
أما خطبة العيد أو الجمعة في السجن فلها مواقف لا تنسى وذكريات لا تمحى حيث هدم الإخوة الحوائط بين بعض الزنازين لتصلح مسجدا للجمعة ومصلى للعيد، وكنت من خطباء هذه الساحة الفسيحة في السجن الضيق، ولا أدري كيف أصف لكم شعور خطيب يخطب العيد في معتقلين لكن معنويات الجميع كانت مرتفعة والإيمانيات عالية وكانت الخطبة حماسية إيمانية أسعدت المظلومين وأدخلت السرور عليهم حتى مازحني بعضهم بعد الخطبة قائلا: (احنا خايفين عليك تعتقل بعد هذه الخطبة) وجاء فرج الله وخرجنا، ثم عاود الظلام سنتهم وأعادوا كرتهم ولكن سنن الله لا تتخلف و”إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ” فسيخرج الأطهار الأحرار وقد ذهب عنهم ألم الأسر وثبت لهم الأجر.
فاللهم فرجا يليق بكرمك، وانتقاما بميزان عدلك فإنك بكل جميل كفيل وأنت حسبنا ونعم الوكيل.