المنامة تحت لحاف إسرائيل
يونيو 28, 2019ثورة السودان ومصير البرادعي
يوليو 12, 2019اعتقال الخصوم والتنكيل بهم عادة كل المستبدين، ويظهر ذلك جليا في فترة حكم العساكر التي بدأت قبل ستين سنة في مصر. لكن النسخة الأخيرة هي الأردأ والأسوأ من كل وجه، حيث أصبح الاعتقال وسيلة انتقام من أقارب الخصوم الذين يعلم النظام أنهم من عموم الناس ولا يعنيهم أمره وغير مشتغلين به، لكن الأقدار جعلت بينهم وبين بعض المعارضين قربى أو نسب.
وقطعا فإن هذه الطغمة المتسلطة لا تؤمن بقاعدة العدل الإلهية:
(ألَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ . وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ) .
فكل من يعرف الأستاذ محمود حسين الصحفي في شبكة الجزيرة يعرف أن الرجل لا يتخطى حدود عمله المهني، وليس محسوبا على تيار المعارضة ولا قريبا منه، لذا كان يقضي أوقات عطلته في القاهرة، لكن لما حانت فرصة الانتقام من الجزيرة كان “محمود” هو الفريسة.
تفوق النظام الحالي في مصر على غيره من الأنظمة الاستبدادية وحتى الجاهلية في تعمد التنكيل بالنساء واعتقال البنات والأمهات فلا راعى أخلاق الإسلام ولا مروءات الجاهلية! لأنه مسخ لا يعرف قيمة الأرض ولا قداسة العِرض.
تروي كتب السير أن قريشا تعرضت للسيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنعتها من الهجرة بعد هزيمة بدر بقليل، فصاحت فيهم هند بن عتبة زوج أبي سفيان وهي الثكلى المكلومة من بدر وأهلها:” أمعركة مع أنثى؟ “
ثم قالت للسيدة زينب: يا ابنة عم إن ما بين الرجال لا دخل له بين النساء ألك حاجة؟ فشكرتها وكانت سببا في إزاحتهم عن طريقها!
لكن هيهات أن يدرك العساكر مروءة نساء الجاهلية.
إن عداوة النظام العسكري في مصر لفضيلة الإمام القرضاوي ليس لموقفه من الانقلاب على أول رئيس مَثّل إرادة الشعب، وإنما الأمر أسبق من ذلك لأن أصل العداوة يرجع إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير التي كان الشيخ القرضاوي أحد الأضلاع الرئيسة التي ارتكزت عليها، ولولا كلماته الحاسمة في مراحلها الفاصلة لتعثرت خطواتها، وتبعثرت صفوفها، وإذا كانت عقيدة العساكر في الولاء والبراء أساسها الآن ثورة يناير فإن الشاعر الثائر عبد الرحمن يوسف كان من أوائل الذين بذروا بذور الثورة على نظام مبارك في نفوس الشباب، وكانت قصائده نارا تلهب المشاعر وتنير الطريق، ثم رأى حلمه يتحقق وهو بين الثوار في ميدان التحرير.
حتى حانت لحظة الانتقام من آل القرضاوي فتجلت حيلة العاجز وخصومة الفاجر في اعتقال السيدة علا القرضاوي وزوجها المهندس حسام خلف، مع أن السيدة علا جدة لها أحفاد ونشأت وترعرعت في قطر، ولا علاقة لها بالشأن العام المصري من قريب أو بعيد، لكن خسة الطبع والفجور في الخصومة ومحاولة النيل من الشيخ وآله، جعلتهم يعتقلوها في حبس انفرادي، ويُمنع عنها الدواء لمدة عامين كاملين، ثم أفرجت عنها النيابة لأنها محتجزة بلا تهمة أصلا، وما لبثت أن عاودت اعتقالها بتهمة جديدة هي استغلال علاقاتها داخل السجن، ونسي الكذبة أنها في حبس انفرادي ! ما جعلها تدخل في إضراب مفتوح عن الطعام.
وأذكر في زيارة لمولانا الإمام بُعَيْدَ اعتقالها أن تحركت شفاهنا ببعض كلمات المواساة له، والدعاء لها، فقال في ثبات وشمم:
“ابنتي علا تعرضت للظلم كسائر أخواتها في مصر وسوريا، وأنا لا أدعو لها وحدها بل أدعو لكل بناتي المأسورات في سجون الظالمين”.
كما علق مرة بعد تجديد اعتقالها فقال:
” لو كانت المناشدة يا ابنتي تجدي عند هؤلاء لناشدتهم، ولكنهم غلاظ الأكباد نزع الله الرحمة من قلوبهم، والمروءة من أخلاقهم، ولكني ألجأ إلى الله الذي بيده ملكوت السماء والأرض وكفى بالله وكيلا.”
وقد أطلق بعض المغردين وسما بعد معاودة اعتقالها بعنوان #علا_القرضاوي
فوجدته وصفا وليس وسما! فإن اعتقال كريمة القرضاوي سببه فعلا “علا القرضاوي” عن التلوث بمناصرة الظالم أو السكوت عن ظلمه.
وعلا القرضاوي في سماء الفقه والفكر، والشعر والفهم، والحكمة والدعوة.
وعلا القرضاوي وارتفاع ذكره في الأوساط العلمية والمجامع العُلمَائية ووضع اسمه مع الأئمة المجتهدين والعلماء المجددين.
لذا فإن السيدة علا القرضاوي تدفع ضريبة “علا القرضاوي”
كتب الله أجرها وثبت قلبها، وفرج عنها وعن أخواتها وجمع شملها بأبيها، إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.