قطر من الخمس الكبار؟!
نوفمبر 23, 2019وطن يعني سجن!
ديسمبر 6, 2019من حسنات وسائل التواصل الحديثة أنها تذكر بالأعلام السابقين من خلال ذكرى ميلادهم أو وفاتهم، ووقف هذا الأسبوع عند تاريخين مهمين وجدت بينهما رباطا وثيقا وقواسم مشتركة ففي 20 نوفمبر 1935 استشهد الشيخ عزالدين القسام وفي 24 نوفمبر 1989 استشهد د. عبدالله عزام، ثم وجدت تشابها عجيبا في مراحل حياة الرجلين حيث ولد عز الدين القسام في1883م في منطقة جبلة باللاذقية في سوريا، ثم ارتحل لطلب العلم في الأزهر الشريف حتى أنهى دراسته فيه، ثم عاد إلى سوريا معلما وخطيبا التفت حوله الجماهير لخطابه المختلف الذي جعل من ساحة المسجد ساحة وغى لإدارة معركة الوعي، حتى ضيق عليه لذلك، وكان قد وضع خطته وحدد وجهته إلى الأرض المقدسة في فلسطين لتحرير المسجد الأقصى من سيطرة الإنجليز واستطاع أن يكون كتائب مقاومة حملت معه السلاح لتحقيق هذه الغاية، ومن هنا اعتبرته المقاومة الفلسطينية صاحب لواء الجهاد، ورمز الكفاح والنضال فانتسبت إليه “كتائب القسام” وخلدت في ميادين الشرف اسمه وذكره.
أما في حالة الشيخ عبد الله عزام فقد كانت البداية من فلسطين حيث ولد في جنين عام 1941 أي بعد استشهاد القسام بستة أعوام وتلقى تعليمه في دمشق ثم رحل إلى الأزهر الشريف أيضا فحصل منه على شهادة التخصص “الماجستير” والعالمية “الدكتوراه” وعمل في بعض الجامعات العربية بالتدريس، في الوقت الذي اندلعت فيه الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي آنذاك.
ولأن العلم ينادي بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل، ارتحل الشيخ عبد الله عزام إلى مناصرة إخوان العقيدة في أفغانستان ضد الآلة العسكرية الوحشية التي أرادت صبغة البلاد بصبغتها الحمراء وفكرتها العمياء.
والملاحظ أن كلا الشيخين المجاهدين من مواليد الشام الكبير، وساقتهم الأقدار إلى النبع النمير، والصرح الكبير الذي وصفه الشاعر الأمير أحمد شوقي بقوله:
قُم في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا
وَانثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا
وَاجعَل مَكانَ الدُرِّ إِن فَصَّلتَهُ
في مَدحِهِ خَرَزَ السَماءِ النَيِّرا
وَاذكُرهُ بَعدَ المَسجِدَينِ مُعَظِّمًا
لِمَساجِدِ اللهِ الثَلاثَةِ مُكبِرا
وَاخشَع مَلِيًّا وَاقضِ حَقَّ أَئِمَّةٍ
طَلَعوا بِهِ زُهرًا وَماجوا أَبحُرا
كانوا أَجَلَّ مِنَ المُلوكِ جَلالَةً
وَأَعَزَّ سُلطانًا وَأَفخَمَ مَظهَرا
زَمَنُ المَخاوِفِ كانَ فيهِ جَنابُهُمْ
حَرَمَ الأَمانِ وَكانَ ظِلُّهُمُ الذَرا
مِن كُلِّ بَحرٍ في الشَريعَةِ زاخِرٍ
وَيُريكَهُ الخُلُقُ العظيم غضنغرا.
تُرى ما تلك الروح التي سكبها شيوخ الأزهر في نفوس طلابهم فعادوا إلى بلادهم بهذه النفوس التواقة إلى حمل هم الأمة وتبليغ رسالتها، بعيدا عن حدود القطرية الضيقة التي صنعها المحتل ليدور الناس في فلكها ولا يتعدون حدودها؟!
عادوا من رحابه لا يعرفون إلا وحدة العقيدة، وإخوة الإيمان التي تقوم على الولاء لكل من آمن بالله الواحد وصدق بنبيه الخاتم، والبراء من كل صد وعاند، أو كفر ونافق.
لذا رفع عز الدين القسام الأزهري الشامي راية الجهاد على أرض فلسطين حتى نال الشهادة على ثراها المبارك، لا تفارقه عمامة الأزهر ولا يتخلى عن جبته، ثم رفع لواء الجهاد في أفغانستان الأزهري الفلسطيني عبد الله عزام حتى حقق مناه وأدرك مبتغاه والتحق بركب الشهداء والصالحين، وكلاهما كان قائدا وقدوة في حياته، ورمزا وملهما بعد مماته.
ومن هنا تنبه أعداء الأمة المسلمة إلى دور الأزهر الشريف في تخريج أئمة الصلاة والإصلاح، وشيوخ السبحة والحسبة، وخطباء المنارة وحملة الراية،
وقد رأوا ذلك وعاينوه في تصدي الأزهر وشيوخه وطلابه إلى الحملات الصليبية الحديثة التي جاءت تحت شعار الاستعمار، وأعلن ذلك المستشرق الشهير القس زويمر بعد دراسة ومعايشة استمرت عشر سنوات في القاهرة خلاصتها أن الأزهر من أهم العقبات التي تقف ضد خطة التبشير التي تهدف إلى نزع الهوية وتغيير المعتقد، وفرض الثقافة الغالبة!
وأصبح الأزهر هدفا لمخططاتهم التي نفذها الحكام العساكر بمنتهى الصرامة والضراوة من خلال السيطرة على أوقاف الأزهر التي كانت تضمن استقلاليته المادية، وتعيين القائمين عليه ليدورا في فلكهم وينفذوا سياستهم التخريبية.
لكن لم يخلو المعهد العتيق من قائم لله بحجة، ومن منافح ومدافع عن قضايا الأمة، وإن تآكلت بعض أعضائه أحيانا فإن باقي الجسد يصارع ويعوض ويقاوم، وما إن تلوح الفرصة المواتية، أو تبرق اللحظة الفارقة إلا وترى الدنيا تزينت بالكواكب الزاهرة من الشيوخ الأزاهر