أولاد فرنسا والعلمانية العوراء
أكتوبر 22, 2020مقاطعة فرنسا وطائفية ساويرس
أكتوبر 29, 2020تصاعدت وتيرة الأحداث بعد إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الاستمرار في نشر الرسوم المسيئة إلى مقام النبي محمد ﷺ متحديا لمشاعر ملياري مسلم ممن يؤمنون به ويتبعون رسالته. وقضية الإساءة قديمة جديدة، وقد دأب عليها كل من عميت بصيرته عن إدراك أنوار الحق، أو تصدر لغواية الخلق، وحفظ الله جناب رسوله من ذلك، ورفع مقامه فوق هؤلاء وأولئك، وأصبحت آياته في شانئيه مشهورة، وعقوبته لهم عاجلة ومسطورة، وما بين “إنا كفيناك” و”إنا أعطيناك” تتجلى عناية الله به، وانتقامه من مبغضيه:
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ)
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)
تزامنت هجمة الإساءة مع حلول شهر ربيع الأول الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وعادة علماء التربية وأهل التزكية، تحويل المحنة إلى منحة، وتجاوز مرارة الدواء إلى حلاوة العافية، ويتحقق ذلك بأمور كثيرة يأتي في مقدمتها فتح أعين الأجيال الجديدة، على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتربيتهم على ذلك، واستثمار لهيب الحرب المستعرة على جنابه، للأخذ بأيديهم إلى سيرته ورياضه، وإعدادهم ليكونوا من كتيبة جنده وحملة مشاعل سنته.
نغرس في نفوس أولادنا أن محبة النبي(ﷺ) ليست مجرد محبة العاطفة أو ميل القلب، وإنما اتباع واقتداء، ومتابعة وفداء، وهي من أساس العقيدة، ولا يتم الإيمان ولا يكتمل إلا بها، بل ينبغي ألا تدانيها محبة ولا يرتقي إلى درجتها محبوب.
جاء في الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين.
وغاب هذا المعنى في البداية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في رواية البخاري عن عبدالله بن هشام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا والذى نفسى بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك) فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الآن يا عمر.) قال الإمام ابن حجر: أي الآن عرَفت، فنطَقت بما يجب.
قال الله تعالى: ﴿النبِي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ يقول الإمام ابن القيم: ولا يتم لهم مقام الإيمان، حتى يكون الرسول أحب إليهم من أنفسهم، فضلاً عن أبنائهم وآبائهم”.
وهذا ما حققه الصحابة جميعا رجالا ونساء وربوا عليه أولادهم حتى شهد لهم به أعداؤهم:
روى مسلم عن ابن شماسة قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فذكر حديثاً طويلاً، فكان في الحديث، فحول عمرو بن العاص وجهه إلى الجدار، وهو على فراش الموت، يقول: “ما كان أحد أحب إلى من رسول الله ﷺ، ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت.”
وكانت النساء لا تقل عن الرجال في تقدير النبي المكرم ﷺ وتوقيره: أخرج ابن إسحاق عن سعد بن أبي وقاص قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها في يوم أُحد، فلما نُعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالوا: خيرا يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أَرونيه حتى أنظر إليه.
قال: فأُشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مُصيبة بعدك جَلل ( أي قليلة ومقدور عليها).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يَقيل ببيت أم سليم أم أنس بن مالك – رضي الله عنهما – فعرق، فجاءت بقارورة، فجعلت تأخذ العرق فيها، فاستيقظ عليه الصلاة والسلام فقال: (يا أمَّ سليم، ما هذا الذي تصنعين؟) قالت: عرَقك نجعله في طيبنا، وهو أطيب عندنا من الطِّيب.)
هذا وأمثاله هو ما جعل أبا سفيان بن حرب يقول: ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد له !
عندما اجتمع رهط من قريش وهو فيهم لقتل الصحابي الأسير زيد بن الدثنة، فقال له أبو سفيان حين قُدِّم ليُقتل: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرِب عُنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا، كحب أصحاب محمد محمدا.
علينا أن نغرس في نفوس أولادنا أن الحب لرسول الله صلى الله عليه هو من بَدأَنا به، وسبقنا إليه: “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”.
وأنه علامة صدق محبتنا لله وإيماننا به: “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”، وأن المحبين الصادقين يتمنى أحدهم لو كان رآه وناصره، ومن فاتته الرؤية، فقد بقيت له النصرة
روى مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أشد أمتي لي حبا: ناس يكونون بعدي يَوَدُّ أحدهم لو رآني بأهله وماله”.
وأن هذه المحبة هي سبيلنا إلى رفقته، وطريق رفعتنا إل جواره، في دار الخلد:
جاء في الصحيحين من حديث أنس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال له صلى الله عليه وسلم: ما أعددتَ لها؟ قال الرجل: ما أعددتُ لها كثير صلاة ولا صيام غير أنني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المرء مع مَن أحب” قال أنس: “ما فَرِحنا بعد الإسلام فَرَحنا بمثل هذا الحديث، فأنا أحب رسول الله وأحب أبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم وإن لم يبلغ عملي عملهم.”
اللهم إنا نشهدك أنا نحب رسول الله، وأبا بكر وعمر والصحابة والصالحين، وإن كره “الماكرون”